أصحاب المليارات وإنقاذ الصحافة

W460

هل يستطيع أصحاب المليارات وهباتهم إنقاذ الصحافة؟ في سياق بحث عن نموذج اقتصادي جديد وسط ارتياب لدى الرأي العام، يقبل عدد كبير من وسائل الإعلام دعم مؤسسات، في شراكة يمكن أن تثير مسائل أخلاقية.

وذكرت مؤسسة "فاونديشن سنتر" الاميركية غير الحكومية أن اكثر من 13 مليار دولار وزعت في العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، حول رهانات على صلة بالاعلام.

وفيما تتراجع العائدات الإعلانية ويتقلص عدد الصحف وتقفل، أو يتم شراؤها، بات تمويل وسائل الإعلام عبر الهبات أمرا مألوفا في الولايات المتحدة، كما على صعيدي الصحة والتعليم.

وقد نوقش الموضوع في نهاية هذا الأسبوع في المهرجان الدولي الثالث عشر للصحافة في مدينة بيرودجا الإيطالية حيث توافد عدد كبير من أصحاب وسائل الاعلام والمؤسسات لمناقشة مستقبلها والبحث ايضا عن اموال.

وفي مؤتمر قالت فيفيان شيللر، المسؤولة السابقة عن الإذاعة الأميركية العامة "ان بي آر" التي تلقت هبة قياسية بلغت 200 مليون دولار من أرملة مؤسس ماكدونالدز، إن "الصحافة المستقلة والقائمة على الوقائع مهددة في العالم أجمع. هذا ما دفع عددا كبيرا من الناس الى دعمنا".

وهذه المبالغ الطائلة التي تُضاف إليها مساهمات القراء والمانحين الآخرين، ستحيي في الولايات المتحدة، صحافة محلية تزداد تشرذما وتتيح إجراء تحقيقات حول موضوعات مهملة. كما أن تطوير وسائل التصدي للمعلومات المضللة والبحث عن نماذج اقتصادية مستقرة جديدة للصحافة، هو أيضا من الأولويات.

- "حصانة للديموقراطية" -

في فرنسا حيث تدعم الدولة تعدد وسائل الإعلام، تلقت صحيفة لوموند ايضا اكثر من مليون دولار من مؤسسة بيل وميليندا غيتس، من بين مانحين آخرين، لدعم موقعها "لوموند أفريك". وساهم الزوجان غايتس ايضا بطريقة غير مباشرة في نشر "وثائق بنما" من خلال دعم الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين.

وفي أوكرانيا وطاجيكستان وشرق إفريقيا ايضا، تدعم مؤسسة "أوبن سوسايتي" (المجتمع المفتوح) التي يرأسها جورج سوروس، وسائل اعلام او منظمات غير حكومية ناشطة في المجال الإعلامي.

وقد كريغ نيومارك، المؤسس الملياردير لموقع "كرايغس ليست"، عشرين مليون دولار إلى موقع "ذي ماركاب" الذي يجري تحقيقات حول التكنولوجيا الرفيعة المستوى. وأصبح للرجل الذي حول الى الانترنت الاعلانات الصغيرة التي كانت تمول المحلية، مدرسة في الصحافة تحمل اسمه في نيويورك، ويشارك في تمويل مهرجان بيرودجا مع غوغل وفايسبوك.

وشدد كريغ نيومارك على القول إن "صحافة جديرة بالثقة تُشكل منظومة حصانة للديموقراطية. وعلى الذين حالفهم الحظ دعم ذلك".

كيف يقاس تأثير الأموال المدفوعة؟ قال نيومارك لوكالة فرانس برس "لا اعرف حتى الان، وما زلت اتعلم".

وتخضع هذه التأثيرات المحتملة لمناقشات كثيرة. ويُشتبه في أن أصحاب المليارات يريدون تحسين صورتهم، ولكن خصوصا تشجيع أجندا سياسية غير واضحة.

واعرب عالم الاجتماع الأميركي رودني بينسون عن قلقه في مقالة نشرها في 2017، من خطر تواجهه وسائل الاعلام جراء "الانخراط في الأجندة السياسية للمؤسسات، وتضاؤل قدرتها على التحقيق في الموضوعات التي تعتبرها مهمة".

- يقظة وشفافية -

يقول نيشانت لالواني، من مؤسسة "لومينايت" لمؤسس موقع إي باي، بيار أوميديار "نحاول بناء مجتمعات أقوى في البلدان التي نعمل فيها". وأضاف "نحن نعمل خصوصا في البلدان التي يصعب فيها إصلاح الأنظمة السياسية، حتى لو كانت وسائل الإعلام مستقلة".

وتعطي المؤسسات كثيرا من المنح الدراسية حول المسابقات التي تعلمت وسائل الإعلام والصحافيون الترشح إليها.

لكن الشراكات الكبرى بين المؤسسات ووسائل الإعلام، تحصل بطريقة غير رسمية، وأحيانا بتدخل وسطاء موثوق بهم. ويُعد آدم توماس مدير المركز الأوروبي للصحافة، وهو منظمة غير حكومية تقدم المشورة للصحافيين وتدربهم، واحدا منهم.

وقال إن تمويل المؤسسات يؤدي الى تطوير دور الصحافيين. وأضاف "يعتقد البعض أن ليس من واجبهم تغيير أي شيء، وأن دورهم هو البقاء على الحياد. لكن مزيدا من الصحافيين يفكرون في تأثيرهم على المجتمع ويعتبرون أنهم يضطلعون بدور نشط في تطوره"، كما يقول.

ويعترف رئيس التحرير السابق لصحيفة الغارديان آلان روسبريدغر، بأن على الصحافيين توخي الحذر، مثل النموذج الحالي القائم على الإعلان، لكن "إذا كان لديك قواعد وكنت شفافا، فمن المفترض ألا يكون ذلك مشكلة".

التعليقات 0